اليوم وأنا أتصفح بعض الفيديوهات في صفحات اليوتيوب المختلفة وجدت فيديو للشيخ زاكر نايك أقل ما يقال عنه أنه “عَجيب” ، فما سأقدمه لكم اليوم من أفكار يطرحها الشيخ زاكر نايك هي من الأعاجيب التي سمعتها، ولكن نحن إعتدنا على هذا النوع من الأفكار الساذجة والسطحية جداً، التي يطرحها الشيخ زاكر نايك والتي يطرحها معلمه الشيخ أحمد ديدات، ومن شابه مُعلمه فما ظلم.
دار النقاش في هذا الفيديو بين الشيخ زاكر نايك وبين شاب يبدو أنه مسيحي وفي هذا
النقاش عرض الشيخ زاكر نايك عِدة أفكار، سنعرضها واحدة تلو الأخرى وسنناقشها ..
*الفكرة الأولى: يونان كان حيا ، والمسيح يجب ان يكون حيا فكرة الشيخ زاكر هي أن مادام يونان كان حياً في بطن الحوت يجب أن يكون المسيح حياً في بطن الأرض لأن المسيح يقول ” لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ”. والرد: للأسف الشيخ زاكر نايك قد بنى فكرته على حجة واهية جداً ، وهي تُظهر لنا مدى سطحية نظرة الشيخ لنصوص الكتاب المقدس ، بل حتى مدى عِلم الشيخ بعلوم اللغات ، بل حتى بعلوم اللغة العربية لغة القرآن ! فلقد خلط الشيخ زاكر بين التطابق والتشابه ، فالكاف في كما في اللغة هي أدآة للتشبيه ، والتشبيه له عِدة أركان وهي المشبه ، المشبه به ، أدآة الشبه ، وجه الشبه وما يعنينا هنا هو وجه الشبه أي الذي يتشابه فيه المشبه والمشبه به في الكلام كقول القرآن مثلاً: ” كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ” سورة البقرة 183 وهنا وجه الشبه واضح وهو كِتابة الصيام فليس المقصود هو التطابق والتماثل ، فلم يكن الصيام الذي كتب على المسلمين هو نفس الصيام الذي كتب على الذين من قبلهم ، فلم يصم اليهود صوم رمضان مثلاً ! ، فهل يجهل الشيخ زاكر اساليب القرآن ؟ ووجه الشبه كما هو واضح من كلام المسيح هو الوجود ثلاثة أيام وثلاثة ليال في القبر/بطن الحوت!
الفكرة الثانية: لم يقل المسيح أنه سيموت في كل الكتاب المقدس في هذه الفكرة نجد الشيخ زاكر يدعي شيء عجيب جداً ، وهو أن المسيح لم يقل ولا مرة واحدة انه سيموت أو إنه مات في كل الكتاب المقدس ! وأن ما قاله بولس الرسول لا يقبله، فهو يقبل كلام المسيح فقط، وهذا كلام عجيب غريب لا يصدر عن عامي فضلا عن شخص يدعي هو وتلامذته أنه متخصص في الكتاب المقدس!
والرد: لا أعرف هل الشيخ زاكر نايك يتحدث عن الكتاب المقدس الذي به انجيل مرقس ومتى ولوقا! أم أنه يتحدث عن كتاب آخر! فلم يخلو إنجيل واحد من الأناجيل الأربعة من النصوص التي تثبت موت المسيح على الصليب، وغالبيتها على لسان السيد المسيح، بل أن السبعة والعشرين سفر في العهد الجديد كل منهم يؤكد موت المسيح! ولنذكر على سبيل المثال بعض من تلك النصوص التي قالها المسيح بنفسه:
إنجيل متى
– متى 16: 21 مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيراً مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ.
– متى 17: 22 وَفِيمَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي الْجَلِيلِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاس فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». فَحَزِنُوا جِدًّا.
إنجيل مرقس
– مرقس 10: 32 وَكَانُوا فِي الطَّرِيقِ صَاعِدِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَقَدَّمُهُمْ يَسُوعُ، وَكَانُوا يَتَحَيَّرُونَ. وَفِيمَا هُمْ يَتْبَعُونَ كَانُوا يَخَافُونَ. فَأَخَذَ الاِثْنَيْ عَشَرَ أَيْضاً وَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ عَمَّا سَيَحْدُثُ لَهُ: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ فَيَهْزَأُونَ بِهِ وَيَجْلِدُونَهُ وَيَتْلُفُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَومِ الثَّالِثِ يَقُومُ».
– مرقس 9: 31 لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ ( يسوع ) تَلاَمِيذَهُ وَيَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أِيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ. وَبَعْدَ أَنْ يُقْتَلَ يَقُومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ».
إنجيل لوقا
– لوقا 9: 22 قَائِلاً ( يسوع ): «إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَتَأَلَّمُ كَثِيراً، وَيُرْفَضُ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».
– لوقا 18: 33 وَيَجْلِدُونَهُ، وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ.
والكثير والكثير، ولكن هذا يكفي جداً ، فهل يعرف الشيخ هذه النصوص ويخفيها عن السائل لأنه لا يعرف بوجود تلك النصوص ؟ أم لم يكن يعلم الشيخ بهذه النصوص؟
إن كان يعرف ولكن يخفي ذلك عن السائل فهي مشكلة كبيرة أن يفعل ذلك، فبماذا ينفع التدليس! بئس التدليس سلوكاً، فهو يعلم ولأجل كسبه للحوار على السائل الجاهل يخدعه بأنه لا يعرف هذه النصوص! أما إذا كان لا يعرف الشيخ هذه النصوص فهذه طامة كُبرى إذ أنه _ في نظر المسلمين _ يعتبر من ضمن أقوى المحاورين والدارسين للكتاب المقدس ، فهل شخص بهذا القدر _ في نظر المسلمين _ لا يعرف أهم الثوابت المسيحية وهي قضية موت وقيامة السيد المسيح ؟ حقاً إن كان هذا هو عالمهم فالدون كيف يكون؟!
الفكرة الثالثة: ماذا إذا تماشينا مع فكرة الشيخ زاكر؟
والآن ، هل إذا تماشينا مع الشيخ زاكر نايك في فكرته وافترضنا أنها صحيحة سيقبل الشيخ زاكر أو أي شخص يقبل كلام الشيخ ويراه منطقياً كل ما في الفكرة ؟ لنرى
الشيخ زاكر يحاول أن يصنع تطابقاً بين مثال يونان النبي وبين ما قاله المسيح، وعلى الرغم من أن السيد المسيح لم يقل أن ما سيحدث معه سيكون مطابق لمثال يونان النبي (راجع الرد أعلاه) إلا أن الشيخ زاكر أراد أن يخدع السائل بهذا : معجزة يونان أنه خرج من بطن الحوت حياً ، وبالتالي المعجزة أن يخرج المسيح حياً ، ولكن، وقع الشيخ زاكر في ورطة إذ أنه بحسب فكره، لو طبقنا مثال يونان النبي على المسيح، فهذا يعني انه كما كان يونان في بطن الحوت، كذلك سيكون المسيح نفسه في القبر، وهذا يعني أن المسيح قد صلب ومات فعلاً، وهو ما يحاول الشيخ أن ينفيه من البداية، أي أن الشيخ أراد ان ينفي شيء فأثبته على نفسه من كلامه هو دون أن يدري!
بحسب فكرة الشيخ زاكر فالمسيح يجب أن يكون حياً في القبر أيضاً ، فما معنى أن يكون المسيح حياً في القبر ويخرج منه حياً ايضاً .. ما المعجزة في أن يدخل شخص حي ويخرج حياً من القبر ؟ الأمر يُشبه قولي : ظللت في البيت ثلاثة أيام وبعد ذلك خرجت ! .. ما المعجزة في ذلك ؟ المعجزة الحقيقية هي أن يكون المسيح في القبر ميتاً لمدة ثلاثة أيام _ والشائع أنه بعد ثلاثة أيام يبدأ في التحلل _ ويخرج منه حياً ، هنا تكون المعجزة .. فحتى من الناحية المنطقية كلام الشيخ زاكر لا يستقيم .
الشيخ زاكر يريد أن يقول: أن المسيح يجب أن يكون حي في القبر ، وبالتالي فالشيخ زاكر لا يرفض فكرة وجود المسيح في القبر ولا يرفض فكرة صلبه ، ولا يؤمن بوجود شبيه قد صلب بدلاً من المسيح أو أي من هذه الأقاويل .. هو فقط يرفض كونه كان ” ميتاً ” في القبر (*)
(*) بحسب الإسلام الشيخ زاكر لا يجد مشكلة مع كون المسيح ميتاً او حياً ، فالقرآن يقول أنه هناك أنبياء كثر قد قتلوا “ولقد أتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وأتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ” فما المشكلة أن يكون المسيح قد قتل ؟